أم المؤمنين وحال الأمة
22 يونيو 2009 - محرر الموقع
من فانتازيا الأدب الساخر
تزوج أحد زعماء الوطن العربي الكبير، ولكنه لم يتمكن من زوجته في ليلة الزفاف، وأحضروا له كل الأطباء لتبييض وجهه مع صاحبة الصون والعفاف، ولكن من دون فائدة. ذهب إلى العطار لعله ينقذه من ورطته ؛ فيحصل على وصفة من وصفات الطب العربي، وقد أرّق الضعف الجنسي مضاجعه، ونغّص عليه حياته، حتى أصبح في بيته كماً مهملا لا قيمة تُذكر له، ولكنه اتصل أخيرا بالرئيس الأمريكي بوش، لعله يجد لديه وصفة تساعده الدخول على عروسته، شاكيا له تأخر الطب عند العرب ؛ بسبب سوء حال البلاد والعباد، رغم شهرة العرب الكبيرة بفحولتهم الجنسية، فوصف له بوش وصفة لا نظير لها في عالم الدخلة وبياض الوجه، ألا وهي خارطة الطريق. لقد أصبح اليوم في كل بيت أكثر من خارطة طريق، خارطة للصرف الصحي المنزلي، وخارطة طريق لشراء الخضروات المنزلية من السوق، وأخرى لمصروفات البيت، وخارطة تشرح آليات مهنة العامل ووظيفة الموظف ، وخارطة لأداء الصلاة في المسجد، وخارطة للتزاور والتراحم وتحديد معالم العلاقة بين الأهل والجيران …. ما أكثر خرائط الطرق اليوم، وعلى رأسها المبادرة العربية الرائدة في تعزيز كرامة الأمة العربية، وصدقت المغنية الكبيرة جوليا بطرس عندما غنت أغنية فين الملايين … فين …. فين الملايين … لا شك أن الراعي الماهر هو الذي يجيد رعي قطيعه، فربما غدا نسمع عن مبادرة جديدة، أو خارطة طريق أخرى أردنية أو يمنية، أو كويتية أو فرنسية أو روسية، من أجل أم العيون السود إسرائيل ولتحي الأمة العربية (( الله – الزعيم – الوطن )) . لقد رسمت لي زوجتي خارطة طريق، بمبادرة عربية نسوية بامتياز، وطلبت مني ألا أحيد عنها قيد أنملة، وإلا سيكون عقابي الهجر في الفراش والحرمان من كل شيء، وربما الضرب والتنكيل، أو الحصار وقطع المساعدات، وعلى الأقل مصروفي الشهري، لأننا اليوم نعيش في عصر يكثر فيه قول : ما بيجيبها غير نسائها، فعاشت نساء الوطن العربي. وبمبادرة عربية نسائية ناجحة مائة في المائة، أمرتني زوجتي بأن أعلق خارطة الطريق على جدران الغرفة لأحتفي بها كلما زارني زائر، فانصعت مذعنا لجلالتها وسمو معاليها، وكيف لا أنصاع لها وهي أميرة المؤمنين في بيتي العربي الكبير . تذكرت الكثير من خوارط أو خارطات أو مخارط أو خرططات أو خرابيط الوطن . وتذكرت الهجرة وكيف سار أهلنا مشيا حفاة الأقدام، وقد مات الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ الذين كانوا هائمين على وجوههم في الطريق جوعا وعطشا، (فعاشت المبادرة العربية وخارطة الطريق ). تذكرت ما أكده المؤرخ “الإسرائيلي” بيني موريس في كتابه “ولادة مشكلة اللاجئين”. بأن كثيرا من المهاجرين الفلسطينيين شربوا بولهم من شدة العطش أثناء رحيلهم (فعاشت المبادرة العربية وخارطة الطريق). تذكرت قصة صبية فلسطينية عمرها 19 سنة، اغتصبها اليهود واحدا تلو الآخر فأصيبت بالجنون، (فعاشت المبادرة العربية وخارطة الطريق).
وتذكرت قصة بنت فلسطينية خطفها اليهود من بين أهلها لتعمل خادمة، تقدم الخمر والطعام في فنادقهم، وعندما رأت في المكان عاملا عربيا أوصته أن يبلغ عنها بأمانة رسالتها الشفهية : (( هل ترضون ذلك لبناتكم أيها العرب ؟)) ، (فعاشت المبادرة العربية وخارطة الطريق). وتذكرت كيف بقر اليهود قلوب الحوامل في دير ياسين وصبرا وشاتيلا، (فعاشت المبادرة العربية وخارطة الطريق). وتذكرت كيف قتل اليهود أما مع أطفالها الرضّع، في غزة ويافا والرملة، وفي كثير من مدن وقرى فلسطين، (فعاشت المبادرة العربية وخارطة الطريق). فهل نجد في خوارط ومبادرات نساء اليوم ملاذا آمنا لشعبنا !!؟ خشيت أن أُذكر أم المؤمنين بذلك فتطردني من البيت، أو تصفني بالمتخلف والجاهل والمغلق، والأعمى والمتحجر واللطخ، والرجعي والسطحي وما شابه هذه النعوت الظالمة المظلمة. فهل يضيع ما تبقى من فلسطين بين المبادرة العربية وخارطة الطريق، كما ضاعت فلسطين بين البقرة والحمار…. وهل يفهم مَن في الدار!؟ ( من لم يتذوق ويفقه معنى وفلسفة الأدب الساخر فلا يلمني ) بقلم : تحسين يحيى أبو عاصي
– كاتب مستقل –
|