لا يجب أن تخرج الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عن مسارها
25 يونيو 2009 - جريدة الوطن
عبدالعزيز غرم الله الغامدي ـ مستشار قانوني
كنت وما زلت من المهتمين بمتابعة أنشطة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك لما لها من دور بارز في تنبيه الأفراد لحقوقهم التي كفلها لهم الشرع والنظام، وكذلك لجهودها في متابعة إصدار الأنظمة واقتراح التعديل عليها بما يتوافق مع حقوق الإنسان، وأهم من ذلك كله ما توليه من اهتمام كبير بتقويم الأجهزة الحكومية من خلال متابعة مستوى أدائها ومراقبة مدى التزام أفرادها بأنظمة الدولة وبخاصة نظام الإجراءات الجزائية. وقد اطلعت على التقرير الأول والثاني عن أحوال حقوق الإنسان في المملكة فألفيتهما قد احتويا على قدر من النتائج المهمة التي تدل على متابعة واهتمام بالغين بأهمية تفعيل حقوق الإنسان ومعالجة أوجه القصور الصادرة من بعض الجهات أو الأفراد، وكنت آمل أن تقتصر اللجنة على متابعة تلك الأجهزة الحكومية المعنية بتلك الملحوظات وذلك للالتزام بها، أو الرفع للمقام السامي عند عدم التجاوب معها إلا أن الملحوظ أن الواقع العملي لم يتغير وأن تلك الأخطاء والملحوظات المكتوبة مازالت موجودة على أرض الواقع.
وقد كنت مؤخراً في زيارة لمبنى الترحيل وألمت لحال تلك العنابر المهترئة التي يحتجز فيها مخالفو نظام الإقامة بشكل غير جيد فلا أماكن كافية ولا برادات مياه ولا تكييف يكفي تلك الجموع الكبيرة، ورغم أن التقرير السنوي الثاني للجمعية في توصيته العشرين ناشد الجهات الحكومية ببناء مقار مملوكة تفي بمتطلبات حقوق الإنسان إلا أن مثل هذه التوصية تتطلب المتابعة الحثيثة للإسراع بتطبيقها كلياً أو جزئياً على الأقل، فإن لم تتوفر مقرات كافية فلا أقل من أن يتم إعادة تجهيز المقرات الموجودة وتطويرها وتكييفها والعمل على أن تفي بالحد الأدنى من حقوق الإنسان.
وبدلاً من أن تكرس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان كافة مجهوداتها لتفعيل تلك التوصيات، وأن تكثف مجهوداتها ضمن إطار اختصاصاتها المنصوص عليها بالمادة الثالثة من النظام الأساسي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، نجد بعضاً من أفرادها بدؤوا يخرجون عن هذا المسار وينازعون أهل الاختصاص المعنيين بشؤون الفتيا ممن خولهم ولي الأمر بذلك كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء وذلك باجتهادات فردية غير مقبولة تتناول الخوض في الأحكام الشرعية في قضايا مهمة كحكم زواج القاصرات وزواج المسيار، وتحديد مفهوم القوامة، ومقدار الدية الشرعية وغير ذلك من المسائل الفقهية التي ينبغي على آحاد العلماء-فضلاً عمن دونهم- ألا يستأثروا بالرأي فيها، وأن يتأنوا لعرض هذه المسائل على المجامع الفقهية، أما أن يأتي من يستشهد بالنصوص على غير وجهها أو أن ينال من موثقية صحيحي البخاري ومسلم وذلك للتدليل على ما يرومه ثم ينازع قضاة المحاكم الشرعية في أحكامهم أو أن يطالب وزارة العدل بتطبيق هذه الأطروحات فهذا هو ما نربأ بهذه الجمعية الموقرة أن تخوض فيه.
المصدر: جريدة الوطن الاثنين 15 جمادى الآخرة 1430 ـ 8 يونيو 2009 العدد 3174 ـ السنة التاسعة
http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.asp?issueno=3174&id=4344