حوار مع الأستاذ غسان النمر

الإنجازات الكبيرة وليدة الأفكار البسيطة والصغيرة، ويمكن أن يبدع فيها المرء عندما يتمعن في محيطه ويتأمل في معاناته، ويفكر بمنتهى الواقعية لإيجاد الحلول المناسبة له ويبادر بتنفيذها لتكن واقعا ملموسا يخدم أبناء الوطن وينمي قدراته لتصنع الإبداع وتحقق النجاح على مدار الأيام والسنين.

هكذا بدأ غسان النمر أحد أبرز رجال الأعمال المهتمين بتنمية المرأة وتطوير مهاراتها وتوظيف قدراتها في خدمة المجتمع بإفتتاح مشروعه الريادي الأول «مصنع الكوثر» لصناعة الذهب والمجوهرات تحت إشراف وإدارة مائة من الأيدي النسائية الماهرة وبتكلفة لاتقل عن ثمانية عشر مليون ريال ليكن البذرة الأولى في طريق تقدم العمل المهني والحرفي للمرأة في المنطقة الشرقية..

وفي الوقت ذاته جدير بنا أن نقترب من هذه النماذج الرائدة لنستلهم منها الخبرة والتجربة وبهذه المناسبة أجرينا معه هذا اللقاء..

• كيف انبثقت فكرة المشروع نحو تجارة الذهب ومتى كانت الإنطلاقة؟

– بدأت فكرة المشروع مند زمن طويل، فمهنتنا موروثة وفي الأصل نحن عشنا صياغا ورثنا المهنة أبا عن جد، والفضل الكبير يعود لوالدي الذي دربني وعلمني الكثير على يديه، توجهي العام كان نحو التجارة التي خضت في غمارها الكثير، وعندما وصل مجموع إستيرادتي التجارية إلى مستوى عال أخذني الحنين نحو تحقيق ميولي ورغبتي الحقيقية تجاه الصناعة، فمنذ الطفولة أعترف بأني حرفي وهوايتي كانت جمع الأجهزة والماكينات المعطلة لإصلاحها وإكتشاف أسرارها.
• كيف تبلورت لديكم فكرة إنشاء المصنع الخاص بصياغة الذهب والمجوهرات؟

– جاء كل ذلك نتاج لخبرة واسعة وتجربة طويلة إستمرت 25 عاما، ونتيجة لمكتسبات حققتها عبر جولاتي المتنوعة والمتعددة في عالم التجارة والصناعة والسفر، فمن خلال زياراتي للكثير من المصانع خارج المملكة في دول أوربا والشرق الأوسط نمت لدي المعرفة حول المصانع بمواردها وإنتاجاتها وحجم إستيعاب القوى العاملة فيها، كل ذلك جعلني أدرك أهمية التنمية في العنصر البشري الذي يعد المحرك الأساسي لتقدم أي مجتمع.

• كم كانت التكلفة التي اخترت بها الطريق لعالم الصناعة؟

– شقيت طريقي لهذا العالم وتحقيق كيان شركة غسان النمر للذهب والمجوهرات ب600,000 (ستمائة ألف ريال سعودي) فتركت التجارة لأخي ولجأت إلى الصناعة كي أرضي ميولي وأحقق طموحي.

• كيف كانت بدايتكم للعمل في المصنع؟

– اشتريت المصنع وبقيت أعمل به طيلة 16 ساعة يوميا، وظللت أبحث جاهدا في تطويره وكنت في زيارات مستمرة لدول أوربا وبالخصوص إيطاليا تعلمت منها الكثير، وفتحت مصانع عدة في تايلند وبلاد الصين، والآن أفكر في إنشاء مصنع يخدم مصر وشمال أفريقيا.

• يا ـرى لماذا اخترت هذه المواقع من الدول هل لكونها بلاد غنية بالذهب؟

– ربما تكون غنية بالذهب، لكن ليس بصناعة الذهب حيث يمكن لأي دولة أن تمتلك الذهب لكن ليس الكل يمتلك القدرة على تصنيع وصياغة الذهب، فهذه الصناعة تحتاج إلى فن وذوق ولمسات سحرية تزيده بريقا وجمالا وجاذبية تسمح له بالتسويق.

• ما هو الدافع الرئيسي الذي جعلك تنشئ مصنعا نسائيا في المنطقة؟

– كانت بدايتها فكرة راودتني منذ سنوات وبعد دراستها ومناسبتها للواقع الإجتماعي وحاجة المجتمع بالذات في تخفيف عبئ البطالة وقلة فرص العمل المتوفرة للنساء، شجعني ذلك على إفتتاح هذا المصنع.

• هل واجهتك مشاكل في توظيف العنصر النسائي السعودي؟ وكيف تعاملتم معها؟
– كل عمل ما توجد به مشاكل، وفي نظري أنه بدون مشاكل لاتوجد إدارة وهذا ربما يكون من المستحيلات إذا نفينا حدوث مشاكل، فالإستثمار هنا في الكائن البشري وكل مجتمع عادة له تركيبته ومشاكله ويجب الإيمان بوجود المشاكل لدى أي مستثمر، لكن النجاح الحقيقي يكمن في حل هذه المشاكل، وفي الواقع هناك مبالغات إجتماعية كبيرة في المقولة التي تدعي بأن مشاكل المرأة الموظفة كثيرة.

بينما وجدت العكس من خلال التجربة فالنساء صراحة أقل مشاكل من الموظفين الرجال، وفي الوقت نفسه المشاكل بسيطة جدا أبرزها مشكلة الإلتزام بدوام العمل على فترتين لكن تم حلها وتقليصها بفترة واحدة تبدأ من الساعة 8 صباحا لغاية 3 عصرا مراعاة لظروف المرأة في مجتمعنا فنصف الموظفات لدينا متزوجات ولديهن أبناء، وبالتالي أرى بأن هؤلاء النساء محظوظات لأنهم في يد أمينة وخبيرة وذات تجربة لها رؤيتها في مجالات العمل في مصانع وسط شرق آسيا وفي دول الشرق الأوسط فهي تمتلك القدرة على الإستيعاب وطريقة التعامل مع مختلف الكوادر الفنية والعملية.

• كيف وجدت الموظفة السعودية؟

– وجدتها سيدة مجدة ومثابرة ومصممة مبدعة وماهرة، ووجدت أن الإستثمار في الوطن وأبناء الوطن كنز ثمين يجب الحفاظ عليه والعمل على تنميته وتطويره، فهناك سرعة إستيعاب للعمل مما شكل لدينا خبرات نسائية يشهد لها المصنع، جاءت نتيجة لمتابعة ذوق المرأة السعودية في عالم المجوهرات ومتابعة للإنتاجات العالمية الطريق الذي ولد تصاميم رائعة من إبداع الفنانات السعوديات، ويكفي نسائنا فخرا وهن يشاهدن مشاركتهن وصناعتهن على واجهة المحلات الراقية.

• هل توجد دورات تأهيلية وتدريبية لرفع مستوى الأداء ةالإنتاج؟

– نعم هناك الكثير من الدوارات التي تخضع لها العاملات لاسيما في الفترات الأولى من إنضمامهن للمصنع، وهناك حضور ومشاركات في المعارض العامة داخل وخارج المملكة وقد ساهمنا في حضور المعرض الأخير الذي أقيم في الرياض وحضرته الأميرة صيتة بنت عبد العزيز – ونالت شركتنا جائزة كأفضل شركة في الآداء والخدمات، كما شارك خبيرات المصنع في معارض في مملكة البحرين.

• هل يستقبل المصنع فئة ذوي الإحتياجات الخاصة «فئة الصم والبكم»؟

– لايوجد لدينا مانع في إستقبال هذه الفئة فنحن ندعمها ونرعاها وهي جزء من هذا المجتمع، لكن إلى الآن لم يرد إلينا مثل هذه الحالات.

• بماذا تنصح موظفاتك في المصنع؟ وأبناءك من الشباب؟ وزملائك من رجال الأعمال؟

– أقول لبناتي وأخواتي وأ بنائي الشباب الحرفة باليد آمان والإمام علي يقول: «حرفة باليد آمان من الفقر» فلا تستهينوا بذلك، والأهم الإلتزام والصدق مع النفس ومع الآخرين، ولإخواني الإستفادة من التجربة فهي خطوة نحو تحقيق وضمان النجاح.

• ما هي أسعد انجازاتك؟ وما هو مشروعك المستقبلي؟

– أسعد إنجازاتي عندما عملت تصميما دقيقا وباهضا من صنع يدي لأقدمه لشريكة حياتي زوجتي وأم أبنائي، والآن بعون الله أعد لإقامة مصنعا يضم 600 – 700 كادرا نسائيا أقدمه لوطني وأبناء بلدي.