تمكين المرأة السعودية… أول الغيث قطرة
9 مايو 2017 - أ . عالية فريدتنبع قوة الدول من إنجازات أفرادها فالانسان هو أغلى واثمن ما في الوجود وهو صانع الحضارة وهو الثروة الحقيقية لبناء الوطن وهو الذي يستطيع – وحده – اذا ما كان كامل الحقوق والحريات أن يغير الحاضر ويبني المستقبل. ومن حقه كإنسان، سواء كان ذكرا أم انثى، أن يتمتع بحقوقه كامله، ما يعني ان انتقاص أي حق من هذه الحقوق هو انتقاص من إنسانيته. وكلما تعددت الحقوق التي تسلب منه كلما تعرضت انسانيته للخطر بنسبة ما سلب منه من حقوق. والمرأة السعودية بانجازاتها اليوم وما وصلت اليه وحققته جديرة أن تبذل من أجلها الجهود التي تتناسب مع كرامتها ومكانتها الطبيعية في الحياة وفي صناعة التنمية.
ان قرار إسقاط الولاية عن المرأة السعودية واتاحة الخدمات لها دون ”شرط الولي“ مثّل قرارا صائبا وحكيما وشجاعا لقيادة البلاد المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين. حفظه الله – لقد أسعدنا كثيرا هذا القرار وخفف علينا الكثير من المعاناة وسوف يزيح عن كاهل المرأة السعودية الكثير من العوائق النظامية التي طالما اعاقت مسيرتها وممارسة دورها الحيوي في مسرح الحياة. ان هذا القرار يعد – بلا شك – قرارا تاريخيا مهما، يكتسب أهميتة كبيرةً بالنظر إلى عصر التحول والتطور الذي يمر به المجتمع السعودي، والذي تسعى فيه المملكة جاهدة لأن تكون في موقع الصدارة أكثر من أي وقت مضى في مجلس حقوق الانسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، فحقوق الإنسان بشكل عام تتبلور وتتطور وتنمو وتتغير مع حياة الانسان بشكل مستمر بناء على اتساع نشاطاته وتنوعها، وكاستجابة لتأثيرات متنوعة ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية تواكب الزمن مما يجعل الحاجة ملحة الى التجديد والتغيير والتطوير في القوانين والتشريعات والأنظمة بما يتوافق مع القيم السمحاء في تلبية إحتياجات المواطن السعودي اولا ومع أهداف ورؤى وتطلعات المملكة في التنمية والإقتصاد. والمرأة السعودية شريكة في جميع ذلك.
ان توجيه الأمر السامي الجهات المختصة لتفعيل القرار بدأ من الإسبوع القادم يحتم على كافة الأجهزة التفاعل ومنح المزيد من التسهيلات للسيدات السعوديات وسرعة انجاز معاملاتهن. فقد سئمن من التعطيل نتيجة اشتراط وجود ”الولي“ أو ”المعقب“ مما يؤكد على تطوير الاداء للأجهزة الحكومية والأهم من ذلك هي مراقبة تفعيل القرار من الجهات العليا ومتابعة تطبيقه في مختلف المواقع الإدارية، تصدر القرار عدم المطالبة بوجود ولي الأمر في إصدار وتجديد الجواز السعودي، إضافة إلى عدم المطالبة بولي الأمر في المستشفيات والمطالبات الخاصة والشكاوي لدى الجهات الأمنية والمحاكم الشرعية وتملك السيارات وفتح الحسابات في البنوك، باشتراط تنفيذ الأمر السامي حصول المرأة على الهوية الوطنية التي تخولها مراجعة الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة.
لاشك أن هذا القرار مثّل للمرأة السعودية بداية الغيث وخطوة مهمة على طريق الألف ميل. فالآمال كبيرة والتطلعات المعقودة على عهد سلمان الحزم أكبر. ان هذا القرار سيصب في الرصيد الحقوقي للقيادة، مما يدفع المرأة للعمل اكثر لتأكيد حضورها وتطلعها إلى تحقيق المزيد عبر التسلح بالعمل والصبر والأمل. فعلينا جميعا رفع مستوى وعي المجتمع بالحقوق والرقي بها لأن من خلالها يتم دفع الإنسان تجاه تحمل المسؤولية والوعي بإمور الحياة وتطوير الخصال الإنسانية. وكما اكد على ذلك ولي ولي العهد من التطلع إلى سعودية جديدة الكل فيها مسؤول ومحاسب وليس لدينا وقتا نضيعه.
لابد من القول انه مهما طال الجدل حول قضايا المرأة فلن يصح الا الصحيح في نهاية المطاف. فالإسلام ضمن حق المرأة في التصرف في شؤونها ومنحها كامل الأهلية واعطاها حقوقها القانونية الكاملة، والمرأة السعودية اليوم مصدر فخر بما حققته من انجازات، يحق لنا جميعا ان نتألق بها عندما تعيش على ارض الواقع وهي تتمتع بممارسة حقوقها الطبيعية في الحياة فهي لا تقل شأنا عن مثيلاتها في المجتمعات العربية والخليجبة اللاتي حصلن على حقوقهن في مجالات مختلفة.
ان صدور القرار السامي باتاحة الخدمات للمرأة دون شرط الولي مدعاة للتفاؤل والأمل بمستقبل جديد واعد تتطلع اليه المملكة العربية السعودية. خاصة مع ما تضمنه القرار من اعتراف وتعريف في آن واحد. فقد وفر اعترافا بأن للمرأة حقوق لم يؤمن بها غالبية المجتمع سابقا، إلى جانب التعريف بالإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة التي تلزم الجهات المعنية من الإعلام والمؤسسة التعليمية والتدريبية من التعريف بها. وهذا ما يعطي مدلولا واسعا لقيمة هذا القرار وتطلعاته المستقبلية. الأمرالذي يستدعي الجهات العليا الى إنشاء آلية رقابية خاصة لضمان الوفاء بمتطلبات الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة من جهة، وبالوقوف على تنفيذ الأوامر الملكية السامية من جهة اخرى، مع ضمان تقوم أن الهيئات الحكومية بواجبها على اكمل وجه في تسهيل الإجراءات وانهاء المعاملات الخاصة بالسيدات. اخيرا تبقى مثابرة المرأة وإصرارها بإثبات وجودها وعلو همتها وحضورها الاجتماعي يؤهلها مستقبلا للتمتع بكافة حقوقها وسلم الوطن للجميع.