قرار بتجفيف بحيرة المسك خلال عام وإعادة مجاري السيول ولو بإزالة الأحياء
12 ديسمبر 2009 - جريدة الشرق الأوسطقرار بتجفيف بحيرة المسك خلال عام وإعادة مجاري السيول ولو بإزالة الأحياء
“الشرق الأوسط» تنفرد بمعلومات خاصة عن خطة إعادة جدة إلى المسار الصحيح
جدة: علي شراية وأمل باقازي
بناء على توجيهات حكومية عليا، قررت أمانة جدة إزالة بحيرة المسك شرق مدينة جدة، وتجفيفها من المياه خلال فترة عام واحد، إضافة إلى إعادة مجاري السيول إلى ما كانت عليه في السابق سواء بإزالة الأحياء الواقعة عليها مثل الصفا والسامر 3، أو بناء أحواض تجمع للمياه.
وكشف المهندس إبراهيم كتبخانة، وكيل الأمين للمشاريع والتعمير، لـ«الشرق الأوسط»، عن خطة للأمانة لإعادة فتح مجاري السيول مرة أخرى، وذلك إما عن طريق إزالة الأحياء القائمة عليها، أو من خلال بناء أحواض تجميع للمياه في شرق الخط السريع ومن ثم توجيهها نحو القنوات المتصلة بالبحر مباشرة.
وأكد وكيل الأمين، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، ورود توجيهات من أمير منطقة مكة المكرمة بتجفيف بحيرة المسك خلال عام كامل، وذلك عن طريق سحب المياه منها ووضعها في بحيرات التبخير المنشأة بالقرب منها والبالغ عددها 8 بحيرات، وفق تقنيات علمية، إضافة إلى زرع عدد من أشجار الحيفا في البحيرة وبمحاذاتها، وإيقاف صب مياه الصرف الصحي في البحيرة نهائيا وتحويلها إلى محطة المعالجة الثلاثية التي تمت زيادة الطاقة الاستيعابية لها من 30 ألف متر مكعب إلى 60 ألفا، وهو ما تم فعلا مع بداية الشهر الماضي.
وأشار إلى أن «كميات المياه التي تصب يوميا في بحيرة المعالجة تبلغ نحو 50 ألف متر مكعب، ويتم استخدام الطاقة المتبقية والبالغة 10 آلاف متر مكعب من بحيرة المسك».
وأضاف كتبخانة «تشمل الخطة أيضا إنشاء خطوط ناقلة للمياه وضخها في القناة الجنوبية التي تصب في البحر»، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ساهمت خلال الفترة الماضية في خفض منسوب المياه إلى نحو 25 في المائة، إلا أنه استدرك بالقول إن كميات الأمطار التي سقطت خلال الفترة الماضية رفعت منسوب المياه إلى نحو 2 متر، وهو الأمر الذي سيؤخر موعد التجفيف لفترة تزيد على العام.
وبين كتبخانة أن «حيا الصفا والسامر 3 يعدان من ضمن الأحياء المبنية على مجاري السيول، الأمر الذي يجعلها تشكل خطرا في حال هطول الأمطار على مدينة جدة». مبينا أن «تكلفة مشاريع تصريف مياه الأمطار داخل جدة تبلغ نحو مليارين و200 مليون ريال، فيما تشكل التكلفة المتبقية من المليارات الثلاثة ما تحتاجه مشاريع التصريف في منطقة أبحر، إلا أنه لم يتم اعتماد إجمالي الميزانية لهذه المشاريع من قبل وزارة المالية حتى الآن». وكشف عن وجود دراسة تقوم بها أمانة محافظة جدة بشأن مواجهة السيول، والتي من ضمن الحلول المتعلقة بها إزالة الأحياء الموجودة في مجاري السيول، أو بناء أحواض شرق الخط السريع لتجميع مياه الأمطار ونقلها للعبارات مباشرة بهدف تصريفها عبر القنوات إلى البحر.
يأتي ذلك في وقت ناقشت فيه لجنة التحقيق التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة خلال اجتماعها الأول الذي انعقد يوم أمس منهجية العمل على تحقيق الأهداف في التحقق مما حدث جراء الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة على مدينة جدة.
من جهته، أفاد الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنة، بأنه تم وضع الإجراءات والترتيبات، إلى جانب تشكيل اللجان والبدء بتنفيذ البرنامج، مؤكدا إنجاز المهمة في أسرع وقت، موضحا أنه سيكون هناك اجتماع آخر اليوم، إلى جانب توالي اجتماعات اللجنة ولجانها المنبثقة منها والتي ستعمل يوميا في هذا التوجه.
ويرأس لجنة التحقيق الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، فيما تم تحديد الأعضاء باختيار كل من اللواء عبد الله القرني، مدير المباحث العامة بمنطقة مكة المكرمة، واللواء علي شويل، مدير المباحث الإدارية، والفريق سعد التويجري، مدير عام الدفاع المدني في السعودية، والدكتور عبد العزيز الخضيري، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، والأمير عبد الله بن فهد بن محمد، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة للشؤون الأمنية، والشيخ صالح سعود آل علي، رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، وأحمد العبد القادر، نائب رئيس ديوان المراقبة العامة المساعد للرقابة على الإدارات، وعبد المحسن آل مسعد، وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية، والفريق الركن صالح القنيعيد، مندوب الاستخبارات العامة.
إلى ذلك، أكد أحمد الغامدي، مدير الإعلام في أمانة محافظة جدة، أن الوضع في بحيرة الصرف الصحي يعد مطمئنا جدا، إضافة إلى قيام الأمانة بالعمل على تعزيز السد الترابي.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «شهد المنسوب المائي في البحيرة انخفاضا بمعدل خمسة أمتار، إذ وصل الآن إلى نحو 10 أمتار، في ظل العمل على تصريف مياه السد الاحترازي بمعدل 45 ألف متر مكعب يوميا عبر القناة الجنوبية إلى البحر».
وذكر أن إنشاء بحيرات التبخير جاء ضمن برنامج تقليل الضغط على السد الاحترازي، إلى جانب تركيب أكثر من 20 مضخة للغرض نفسه، مشيرا إلى أن العمل مستمر على تغطية مجرى السيل البالغ طوله نحو 16 كيلو مترا بعبارات خرسانية وسط المدينة، والذي سيتم الانتهاء منه بالكامل خلال شهر ونصف الشهر. ولم تسجل الجهات الأمنية السعودية أي زيادة في أعداد ضحايا السيول بجدة، إذ أعلنت أول من أمس عن بلوغ عدد ضحايا السيول في جدة نحو 113 قتيلا، عدا عن تسجيل ما يقارب 48 بلاغا عن مفقودين، فيما لا تزال فرق البحث والإنقاذ تباشر عملها في المواقع المتضررة، مبينة أنه لم يتم العثور على ضحايا حتى الآن. وفي السياق نفسه، نبهت المديرية العامة للدفاع المدني الجميع إلى أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن الأماكن الخطرة استنادا للتقارير الصادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والتي تشير إلى وجود سحب ركامية رعدية يتوقع هطول أمطار منها على محافظة جدة مصحوبة برياح سطحية تصل سرعتها إلى نحو 45 كيلومترا في الساعة، وقد تتجه شرقا إلى مكة المكرمة وتزداد على المناطق الجنوبية. وأوضح العميد محمد القرني، مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة، أن جميع الأمور مطمئنة في ظل عدم تأثر مدينة جدة بالأمطار الجديدة التي هطلت عليها يوم أمس، مؤكدا أن المنسوب المائي في بحيرة الصرف الصحي لم يسجل أي ارتفاع.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت عملية تصريف مياه البحيرة إلى البحر، وذلك بتوجيه من الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، بالقيام بالنشاط كاملا، إلا أن هناك عوائق واجهت القناة بين البحيرة وشارع التحلية، لافتا إلى أنه سيتم حلها خلال اليومين القادمين.
وأشار إلى أن تلك العوائق تتمثل في محاولة فتح القناة التي تربط بحيرة الصرف الصحي بشارع التحلية نتيجة وجود جبل في الطريق، إلا أنه سيتم العمل على إزالة جزء منه لتوجيه المياه المتجمعة في السد الاحترازي إليها وإيصالها إلى البحر مرورا بنهاية المعبر والقناة الرئيسية. وأضاف «يتم تصريف مياه البحيرة الأساسية بالطريقة نفسها، عدا عن وجود آلية وفريق علمي لوضع الحلول في ظل بناء سد احترازي ثالث، مبينا أن اجتماع لجنة التحقيق سيخرج بحلول عاجلة. وكان من المتوقع أن تشهد شوارع مدينة جدة يوم أمس حركة كبيرة تزامنا مع بداية الدوام المدرسي والحكومي بالنسبة للموظفين، إلا أنها لم تكن بهذا الشكل، وذلك وفق تأكيدات مصادر مسؤولة في إدارة مرور جدة.
وكشف عبد الله الثقفي، مدير عام إدارة التربية والتعليم في محافظة جدة، عن بلوغ نسبة الغياب في المدارس يوم أمس نحو 30 في المائة، مبينا أنه لم يتم تلقي أي شكاوى تدور حول إشكاليات السلامة في المدارس.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت المدارس على اختلاف مراحلها حضور ما يقارب 70 في المائة من الطلاب، غير أنه من الممكن اعتبار نسبة الغياب بأنها كبيرة». وأضاف أن العقوبات التي من المفترض أن يتعرض لها الطلاب الغائبون عن مدارسهم راجعة لمديري المدارس وفق الأنظمة واللوائح التنظيمية، إلى جانب التقديرات الفردية لكل طالب والتي يحددها المديرون أنفسهم، مؤكدا عدم وجود قضية جماعية تستدعي العقاب الجماعي. فيما أشار العقيد محمد القحطاني، مدير إدارة المرور في جدة، إلى أن يوم أمس لا يعد المقياس الحقيقي لحركة السيل باعتبار أن كثافة السيارات كانت أقل من المتوسط، نتيجة تغيب عدد من طلاب المدارس والجامعات عن الحضور. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سجل طريق الحرمين كثافة عالية خاصة المتجه من الشمال إلى الجنوب، وذلك بسبب تباطؤ الناس في السير ناحية مفرق شارع (جاك) بقويزة»، مبينا أن طريق المدينة شهد كثافة انسيابية من دون أي اختناقات مرورية. ولفت إلى وجود تقاطعين بشارع عبد الله سليمان أمام الجامعة ما زالا يعانيان من آثار السيول المتضمنة مطبات تسببت في خروج السيارات منها، إلا أن بقية المواقع شهدت حركة أقل من المتوسط. وأضاف «لم تسجل حالات حوادث مرورية تذكر، إلى جانب الانتهاء من رفع المياه المتجمعة في معظم الشوارع باستثناء شارع الأمير ماجد وعدد من المواقع التي تبذل الأمانة جهدا في سحب المياه منها، مؤكدا أن هطول الأمطار يوم أمس على مدينة جدة كان محدودا جدا ولم يترك أي أثر».
وبالعودة إلى مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة، أكد عدم تسجيل أي حوادث مرورية يوم أمس جراء حركة المدارس والموظفين، خاصة أن انتشار فرق الدفاع المدني على المواقع المحددة كان فاعلا، إلى جانب آلية العمل لدى المرور والتي ساهمت في وصول الناس بشكل ميسر وسريع، موضحا أن تلك الخطط ستستمر خلال الأيام القادمة.
من ناحية أخرى، شدد محمد العمري، المدير التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكة المكرمة، أن إغلاق الشقق المفروشة ومحاكمة ملاكها عقوبتان تنتظران كل من يتقاعس أو يتخاذل في استقبال متضرري كارثة سيول جدة، موضحا أنه تم إيواء أكثر من عشرة آلاف شخص حتى الآن.
وأكد ضرورة التعاون مع اللجنة المشكلة من الدفاع المدني وهيئة السياحة إضافة إلى شرطة جدة، في استقبال المواطنين والمقيمين وتسكينهم لديهم، وذلك حسب التوجيهات المباشرة والصريحة من الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ومتابعة الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة.
وأضاف العمري أن أصحاب الفنادق والشقق المفروشة ليس لهم العذر بعدم قبول أي مواطن أو مقيم يحمل خطابا من الدفاع المدني، في ظل مخاطبة أصحاب الفنادق والشقق المفروشة بهذا الأمر، لافتا إلى أنه سيتم احتساب جميع تكاليف السكن على نفقة الدولة، وذلك حسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين. وفي السياق ذاته، أعلنت لجان حصر الأضرار عن بلوغ عدد المتضررين منذ بداية الحدث نحو سبعة آلاف و181 عقارا وممتلكات، إضافة إلى ستة آلاف و680 مركبة، ليصبح إجمالي ما تم حصره حتى الآن نحو 13 ألفا و814، فيما لا تزال اللجان مستمرة في أعمالها.
وبلغ عدد الأفراد الذين تم إيواؤهم نحو 19 ألفا و950 فردا، ممثلين في خمسة آلاف و104 أسر بمساكن سبق أن أعدت للأسر التي فقدت مساكنها نتيجة السيول والأمطار، عدا عن مباشرة اللجان المشكلة من المحافظة والمشرفة على تقديم المساعدات العينية أعمالها في كل من حي قويزة والأحياء المجاورة له، وأم السلم والكيلو 14 وطريق مكة القديم والجامعة وأحياء وسط البلد. كما وجه الدكتور سامي باداوود، مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة، بتحريك فرق طبية مكونة من أطباء وممرضين وسيارات إسعاف، لتقوم بجولات ميدانية على كامل الأحياء المتضررة من الصباح الباكر وحتى منتصف الليل، وذلك بهدف تقديم الرعاية الصحية والعلاجية للمواطنين والمقيمين. وتهدف تلك الجولات إلى تقييم الوضع الصحي والبيئي في المناطق، ووضع خطة صحية لإعادة تأهيلها والتأكد من عدم وجود أي بؤر للأوبئة ومصادر التلوث التي قد تشكل خطرا على الوضع الصحي في هذه المواقع.
كما تهدف إلى تقييم الوضع من ناحية مدى تأثر المنشآت الصحية بالأضرار التي حدثت، لا سيما أن لجنة الطوارئ والكوارث في صحة جدة بدأت بمباشرة تنفيذ خطة العمل المعدة من قبل مديرية الشؤون الصحية منذ الساعات الأولى من هطول الأمطار على محافظة جدة، وتطبيقها على أرض الواقع.
كما تم تشكيل فريق عمل بالتنسيق مع أمانة محافظة جدة، لزيادة وتكثيف عملية الرش في أماكن تجمع المياه تحسبا لانتشار حمى الضنك أو أي مرض وبائي، إلى جانب أخذ عينات من خزانات المياه والتأكد من سلامتها صحيا وخلوها من تلوث مياه الصرف الصحي، إضافة إلى المطالبة بسحب المياه المتراكمة بأقصى سرعة.
وفي السياق ذاته، نبهت اليوم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الدفاع المدني إلى استمرار إمكانية هطول أمطار متوسطة على جدة خلال الأيام القادمة.
المصدر: جريدة الشرق الأوسط الاحـد 19 ذو الحجـة 1430 هـ 6 ديسمبر 2009 العدد 11331
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11331&article=547259&feature=