العمالة المنزلية .. حلول جذرية بتنظيم جديد
12 ديسمبر 2009 - محرر الموقعالعمالة المنزلية .. حلول جذرية بتنظيم جديد
كلمة الاقتصادية
تفاقم مشكلات العمالة المنزلية لم يعد تجدي معه الحلول الجزئية أو نقل الاختصاص بإصدار التأشيرات من جهة إلى أخرى, أو وضع ضوابط جديدة, فكلها لم تؤت سوى مشكلات جديدة تختلف عن سابقاتها, فمن هروب العمالة المنزلية إلى عملها عند غير كفلائها, حتى تأخر حقوقها أو عدم الوفاء بها, مشكلات قديمة متجددة. ورغم وضوح حقوق كل طرف من الأطراف إلا أن عدم خضوع عقود عمال وخدم المنازل لنظام العمل وخصوصية العلاقة بين الطرفين وتواضع المبلغ محل نزاعاتها, فضلا عن العدد الكبير للعاملين في المنازل, وبالتالي تعدد منازعاتهم, فإن الاعتماد على تدخل إيجابي لإنهاء كل حالة على حدة لم يكن له أي نتيجة إيجابية, ولن تكون له نتيجة مقبولة وفق المعطيات التي يبنى عليها التحليل المنطقي لظاهرة اجتماعية تحتاج إلى تنظيم إداري أكثر منه قانوني.
لقد انتهت دراسة حديثة, هي الآن في طور ترتيبات التطبيق إلى ضرورة إعادة التنظيم بالكامل لوضع العمالة المنزلية بالاستفادة من الأخطاء التي تتكرر وتؤكد وجود ظاهرة سلبية تجب السيطرة عليها قدر الإمكان, حيث أعلن سمو النائب الثاني – حفظه الله – في لقائه الماضي مع منسوبي الغرفة التجارية في جدة عن توجه حكومي قادم لإنشاء شركات متخصصة لتوفير عمالة منزلية, وقد صرح معالي وزير العمل عن قرب تنفيذ ذلك التوجه, وأن الشركات المتخصصة ستتكون من مكاتب ومؤسسات الاستقدام الحالية, وأنها لن تتجاوز ثلاث شركات فقط, حيث سيكون جميع العمالة المنزلية على كفالة تلك الشركات الثلاث, وللمواطن أن يتعاقد مع إحداها لتوفر له عاملا أو عاملة منزلية لمدة يتم الاتفاق عليها في العقد.
إن هذا التوجه يدفع مكاتب ومؤسسات الاستقدام الحالية نحو الاندماج الإجباري أو الخروج من السوق, فإنها لن تجد مجالا لأعمالها ما لم تنضو تحت إحدى الشركات المندمجة, وهذا يحقق هدفا آخر في غاية الأهمية وهو تقليل عدد الأطراف التي تتعامل معها الأجهزة الحكومية ومنها وزارتا الداخلية والعمل, ما يساعد على سهولة تطبيق التعليمات وخدمة المواطنين والمقيمين وسهولة تسليم الحقوق المالية لخدم المنازل وحفظ حقوق الأسرة المالية وغيرها من الحقوق التي يفرضها العقد والعمل في المنزل, حيث يجد رب الأسرة أمامه شركة متخصصة يستطيع التفاهم معها في حالة وجود أي مشكلة بدلا من الرجوع على العامل والعاملة, وهو رجوع غير مجد في نتيجته النهائية.
وفي انتظار إنشاء هذه الشركات ينتظر المواطن معرفة آلية عملها, ويأمل الكل أن يتم إنجاز ذلك في فترة معقولة, حيث إن تعدد مكاتب الاستقدام وملاكها والتنافس التجاري بينهم وترتيبات أعمالهم في المستقبل مع هذا التنظيم الجديد قد يتطلب وقتا ومفاوضات مع ضعف الاتصالات بينهم وعدم جدواها, لذا فإن من المنتظر أن تعلن وزارة العمل برنامجها في تنفيذ هذا التوجه ومدى نطاقه وشموله العمال في السوق السعودية, وهي عمالة غير منزلية تحتاج إليها سوق العمل في سائر القطاعات المالية والتجارية للشركات والمؤسسات ذات السجلات التجارية.
ولا يخفى على وزارة العمل أن صعوبة الحصول على تأشيرات للعمالة المنزلية دفعت كثيرين إلى الاستعانة بالأيدي العاملة المقيمة بصفة غير نظامية وفتح باب رفع أسعار أجورهم, وهي إحدى مشكلات سوق العمالة المنزلية, وتفرعت عن ذلك مشكلات أمنية أزعجت أقسام الشرطة وجعلت رب الأسرة في محل اللوم الشديد غير المجدي, فالحاجة أم الاختراع, ولعل التنظيم الجديد يقضي على تلك الاختراعات بالقضاء أولا على مسبباتها.
المصدر: جريدة الاقتصادية الثلاثاء 1430-12-21 هـ. الموافق 08 ديسمبر 2009 العدد 5902
http://www.aleqt.com/2009/12/08/article_312975.html